بحث

1642073423254.JPG

البابا فرنسا يستقبل مسؤولي حركة العمل الكاثوليكي في فرنسا

الرؤية والتمييز والعمل، ثلاث كلمات كانت محور حديث البابا فرنسيس خلال استقباله ظهر اليوم الخميس أعضاء حركة العمل الكاثوليكي في فرنسا.

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس مسؤولي حركة العمل الكاثوليكي في فرنسا. وفي بداية كلمته إلى ضيوفه حيا الأب الأقدس الجميع لمناسبة حجهم هذا إلى روما وأضاف أنه يريد من خلالهم توجيه التحية إلى جميع أعضاء الحركة في فرنسا وطلب منهم أن يؤكدوا لهم صلاته وقربه. ثم تحدث البابا عن كون توجه حركات العمل الكاثوليك إلى روما للقاء البابا عادة قديمة حيث كان البابا بيوس الحادي عشر قد استقبل بعض ممثلي الحركة سنة ١٩٢٩ وحيا حينها في هذه الحركة تجدد واستمرارية ما كان في الأيام الأولى للمسيحية من أجل إعلان ملكوت الله، كما وتحدث حينها عن تعاون العلمانيين.

ثم انطلق البابا فرنسيس في حديثه إلى مسؤولي الحركة من شعار حج حركة العمل الكاثوليكي الفرنسية إلى روما، ألا وهو "رُسلاً اليوم"، وذلك للتأمل في دعوتهم إلى أن يكونوا بالفعل رسلا في عالم اليوم. وتابع قداسته أن التلاميذ، وحين ساروا مع يسوع على طريق عماوس، أخذوا في تذكر الأحداث التي عاشوها ثم تعرفوا على حضور الله في هذه الأحداث ثم قاموا بالعمل من خلال العودة إلى أورشليم لإعلان قيامة المسيح. وتوقف البابا بالتالي عند ثلاث كلمات، الرؤية والتقييم والعمل.

تحدث البابا فرنسيس أولا عن كلمة الرؤية، فقال إنها تعني التوقف وملاحظة الأحداث التي تشكل حياتنا وتاريخنا، جذورنا العائلية، الثقافية، المسيحية. ثم أشار إلى الذاكرة باعتبارها نقطة البداية في تنشئة حركة العمل الكاثوليكي، وأضاف أن التذكر بالمعنى الأقوى لهذه الكلمة يعني أن نفهم لاحقا معنى ما عشناه، وأن نلمس كيف كان الله حاضرا في كل لحظة. وتابع البابا أن رهافة ورقة عمل الرب في حياتنا تجعلنا في بعض الأحيان لا ندرك هذا العمل على الفور فنحتاج إلى ذلك البعد الزمني للمس استمراريته. وذكَّر قداسته بتأكيده في الرسالة العامة Fratelli tutti على أنه لا يمكن السير إلى الأمام أو النمو بدون ذاكرة متكاملة ومنيرة.

وفي تأمله في الكلمة الثانية، التقييم، والتي يمكن استبدالها بكلمة التمييز، قال البابا فرنسيس إنها اللحظة التي نتساءل فيها ونضع محل النقاش، والمرجع في هذه المرحلة هو الكتاب المقدس. وأضاف أن هذا يعني تقبُّل أن حياتنا تمر عبر كلام الله، وذكَّر قداسته هنا بكلمات بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين "إِنَّ كَلامَ اللهِ حَيٌّ ناجع، أَمْضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذي حَدَّين... وبِوُسْعِه أَن يَحكُمَ على خَواطِرِ القَلْبِ وأَفكارِه". وأضاف الأب الأقدس أنه اختار في الرسالة العامة Fratelli tutti مَثل السامري الصالح للتأمل في علاقتنا مع العالم ومع الآخرين، وبشكل خاص مع الأكثر فقرا. وتابع أن بإمكاننا في اللقاء بين أحداث العالم وحياتنا من جهة وكلمة الله من جهة أخرى أن نميز النداءات التي يوجهها إلينا الرب. ثم توقف عند السينودسية مشددا على أنها ليست مجرد نقاش أو بحث عن موافقة أغلبية وكأننا في برلمان، كما أنها ليست خططا أو برامج يجب تطبيقها، بل هي أسلوب يجب اعتماده، بطله الأساسي هو الروح القدس الذي يعبِّر عن نفسه في المقام الأول في كلمة الله التي تُقرأ ويتم التأمل فيها وتَقاسمها معا. تحدث البابا فرنسيس أيضا عن تثبيت الأنظار على صليب يسوع والذي يعني، وحسب ما يقول القديس بولس، قبول أن نضع حياتنا تحت نظرة يسوع وهذا اللقاء بين فقرنا البشري وألوهيته المحوِّلة. ودعا الأب الأقدس ضيوفه من هذا المنطلق إلى أن يتركوا مكانا هاما لكلمة الله في حياة جماعاتهم وأن يوفروا فسحة للصلاة والتعبد.

وأخيرا توقف البابا فرنسيس عند الكلمة الثالثة، العمل، والتي نجدها في اسم الحركة، فقال إن الإنجيل يعلِّمنا أن هناك في العمل دائما مبادرة الله. وذكَّر هنا بكلمات القديس مرقس في حديثه عن التلاميذ عقب القيامة "والرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهم ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات". وأضاف البابا أن العمل ينتمي إلى الله، ويكمن دورنا في دعم وتسهيل عمل الله في قلوبنا متكيفين مع الواقع الذي يتطور بشكل دائم. وأشار في هذا السياق إلى أن مَن تصل إليهم حركة العمل الكاثوليكي اليوم يختلفون عمن كانوا في السابق، وخاصة الشباب الذين يبحثون اليوم عن علاقات أقل إلزاما وأكثر لحظية، هم أكثر ضعفا وهشاشة من الأجيال السابقة وأقل تجذرا في الإيمان، إلا أنهم يبحثون عن المعنى والحقيقة وليسوا أقل سخاءً. وقال البابا لضيوفه بالتالي إن رسالتهم كحركة عمل كاثوليكي هي الوصول إليهم كما هم، وجعلهم ينمون في محبة المسيح والقريب، وقيادتهم إلى التزام ملموس أكبر كي يكونوا أبطال حياتهم وحياة الكنيسة كي يتغير العالم.

 وفي ختام كلمته إلى مسؤولي حركة العمل الكاثوليكي في فرنسا، الذين استقبلهم ظهر اليوم الخميس في القصر الرسولي، شكرهم البابا فرنسيس على خدمتهم السخية التي تحتاج إليها الكنيسة بشكل أكبر اليوم في هذا الزمن الذي يتمنى فيه قداسته لكل واحد منهم أن يجد مجددا فرح معرفة صداقة المسيح وإعلان الإنجيل. ثم طلب قداسته من ضيوفه أن يذكروه في صلواتهم وأوكل مسؤولي الحركة وأعضاءها إلى شفاعة مريم العذراء ومنحَهم البركة الرسولية.    

13 يناير 2022, 14:06