البطريرك الراعي: لن يقوم لبنان بالانشغال بالصغائر بل بالعودة إلى الجوهر البطريرك الراعي: لن يقوم لبنان بالانشغال بالصغائر بل بالعودة إلى الجوهر 

البطريرك الراعي: لن يقوم لبنان بالانشغال بالصغائر بل بالعودة إلى الجوهر

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد السابع من أيلول سبتمبر في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، وألقى عظة قال فيها " لن يقوم لبنان بالانشغال بالصغائر، بل بالعودة إلى الجوهر، أعني: العيش المشترك، والكرامة الإنسانية، والحرية، والمساواة تحت سقف القانون. هذا هو "النصيب الأفضل" الذي لا يجوز أن يُنتزع منا، والذي إذا فقدناه لن ينفعنا أي شيء آخر".

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته مسلطا الضوء على إنجيل هذا الأحد قائلا "مرتا تنهمك بشأن الضيافة ليسوع، فيما أختها مريم جلست عند قدميه تسمع كلامه. ولـمّا أتت تشتك أختها لتساعدها، أجابها الرب يسوع: "مرتا، مرتا، إنّك تهتمّين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد، وهو النصيب الأفضل الذي اختارته مريم" (لوقا ١٠: ٤٢). وأشار غبطته إلى أن هذا الحدث ينطوي على بعدين أساسيين: "الأول، أهمية الإصغاء إلى كلمة الله، الذي اختارته مريم. والثاني، قيمة الخدمة التي انهمكت بها مرتا. لم ينتقد الرب يسوع موقف مرتا، وانهماكها في إعداد الطعام المادي له. لكنه أراد أن يقول لها: عنده طعام آخر روحي، له الأولوية هذا الطعام اختارته مريم، وذكّر به مرتا". وأضاف البطريرك الراعي يقول " يسعدني أن أرحب بكم جميعًا للمشاركة في هذه الليتورجيا الإلهية، التي نحن فيها مدعوون للجلوس إلى مائدة الكلمة الإلهية، وإلى مائدة جسد الرب يسوع ودمه. هذه المائدة المزدوجة هي الطعام الروحي الذي يحمله الرب يسوع لحياة العالم". في الليتورجيا الإلهية نعيش خبرة مريم الجالسة عند قدمي يسوع تسمع كلامه. القداس يذكّرنا أن حياتنا الأساسية ليست بكثرة انشغالاتنا، بل بالعيش في حضرة الله. نتعلّم أن الإصغاء لله هو أساس كل خدمة وعمل. الذبيحة الإلهية تعيد ترتيب أولوياتنا: الله أولا، منه ننطلق، وإليه نعود.

وأشار البطريرك الراعي إلى أن "الكلام الإلهي يقود كل مؤمن ومؤمنة إلى معرفة الله، الذي هو نورنا في الطريق (مز ١١٩: ١٨٥)، لكي "لا نزلّ ونتيه" (مز ١٢١: ٣). إن كلمة الله هي روح الحياة المسيحية وأساسها. فهي تعطي معنى للحضور المسيحي في الشرق الأوسط وتنعشه، فلا يكون حضورنا مجرد انتماء اجتماعي أو إنجازات اقتصادية، بل ثقافة حياة وحضارة محبة. والكلمة تذكّرنا بضرورة التزامنا في العالم، والعمل من أجل العدالة والمصالحة والسلام، ومن أجل المساهمة في جعل المجتمع أكثر إنسانية".

في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إن "المسؤولين المدنيين مدعوون للعودة إلى "واحد" أساس، هو الالتزام والعمل في سبيل: "دولة تُبنى على الحق والعدالة؛ ومواطن يحفظ أرضه وهويته؛ ومسؤول يضع الخير العام قبل المصالح الخاصة؛ وبناء وحدة وطنية داخلية تعلو فوق الانقسامات، والصراع على النفوذ". وأضاف "اللبنانيون بحاجة إلى الجلوس عند "قدمي الحق" والإصغاء إلى رسالتهم التاريخية. هذه الرسالة موجهة اليوم إلى الجميع: إلى المسؤولين السياسيين: أن يضعوا مصلحة الوطن والشعب كله فوق كل اعتبار؛ إلى الاقتصاديين وأصحاب القرار: أن يعيدوا بناء الثقة بالاقتصاد الوطني؛ إلى المواطنين: أن يصمدوا في أرضهم، أساس هويتهم وتاريخهم؛ إلى المربين والروحيين: أن يزرعوا الرجاء في القلوب والقيم في الرؤوس؛ إلى الشباب: أن لا يسمحوا لليأس أن يقتلع أحلامهم، وأن يقطع جذورهم".

وأضاف غبطته يقول "لن يقوم لبنان بالانشغال بالصغائر، بل بالعودة إلى الجوهر، أعني: العيش المشترك، والكرامة الإنسانية، والحرية، والمساواة تحت سقف القانون. هذا هو "النصيب الأفضل" الذي لا يجوز أن يُنتزع منا، والذي إذا فقدناه لن ينفعنا أي شيء آخر".

وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "فلنصلِّ، أيها الإخوة والأخوات، من أجل وطننا لبنان لكي يلهم الله أبناءه، قادةً وشعبًا أن يحسنوا التوازن بين الإصغاء لكلام الله والعمل بموجبه، وبين التأمل والخدمة. ولنصلِّ من أجل أن يتحوّل قلقنا واضطرابنا إلى ثقة ورجاء فنكتشف من جديد أن "الحاجة إلى واحد"، هو الله الذي وحده يعيد إلينا سلامنا المفقود".

08 سبتمبر 2025, 12:15