البابا لاوُن الرابع عشر يستقبل المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة ١٠ تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢٥ البابا لاوُن الرابع عشر يستقبل المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة ١٠ تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢٥  (@Vatican Media)

البابا لاوُن الرابع عشر يستقبل المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة

حاجة الكنيسة إلى المكرسين والمكرسات وتنوع وثراء مواهبهم، عملهم من أجل السلام، السينودسية، والنظر إلى المستقبل برجاء وثقة. كان هذا أهم ما تطرق إليه البابا لاوُن الرابع عشر خلال استقباله اليوم الجمعة المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة.

استقبل البابا لاوُن الرابع عشر اليوم الجمعة ١٠ تشرين الأول أكتوبر في قاعة بولس السادس في الفاتيكان المشاركين في يوبيل الحياة المكرسة. ورحب قداسته في بداية كلمته بالمكرسين والمكرسات معربا عن سعادته للقائهم وأكد، في تذكير بكلمات البابا فرنسيس، حاجة الكنيسة إليهم وإلى تنوع وغنى أشكال التكرس والخدمة التي يمثلونها. وتابع عائدا مرة أخرى إلى كلمات سلفه أنهم يساهون في إيقاظ العالم وذلك من خلال حيويتهم وشهادتهم لحياةٍ المسيح فيها هو المركز والرب. وشدد قداسته من هذا المنطلق على أهمية أن يكونوا متجذرين في المسيح، فهكذا فقط يمكنهم القيام برسالتهم بشكل خصب. وقال الأب الأقدس للحضور إن بوحدتهم مع المسيح، وبوحدتهم فيه فيما بينهم، تصبح أنوارهم الصغيرة كمسار على درب ينيره مخطط السلام والخلاص العظيم، مشروع الله للبشر. وأضاف البابا أنه يريد لهذا تحديدا أن يدعوهم بحرارة إلى العودة إلى القلب باعتباره المكان الذي يتم فيه إعادة اكتشاف الشرارة التي حفزت بدايات قصصكم، قال قداسته، وسَلَّمت مَن سبقوكم رسالة محدَّدة أوكلت اليوم إليكم. وواصل الحبر الأعظم أن في القلب، وحسبما كتب البابا فرنسيس في رسالته العامة الأخيرة "لقد أحَّبنا" (Dilexit nos)، يولد الرباط بين تقييم الذات والانفتاح على الآخرين، بين اللقاء الشخصي جدا مع الذات وعطاء الذات للآخرين. وتحدث البابا لاوُن الرابع عشر عن الدواخل والتي تًنَمى بالصلاة والشركة مع الله، والتي تمد فيها جذورَها أفضل ثمار الخير في تعزيز كامل لتفرد كل شخص وتثمين مواهبه والانفتاح على المحبة.

ثم توقف قداسة البابا عند الاحتفال بيوبيل الحياة المكرسة وقال للمكرسين والمكرسات إنهم قد استعدوا لهذه الأيام في مسيرة طويلة في بلدانهم وداخل معاهدهم وجمعياتهم، وذلك انطلاقا من شعار "حجاج رجاء على درب السلام". وشدد البابا هنا على الحاجة الكبيرة إلى الرجاء وإلى السلام الذي يسكن قلب رجال ونساء زمننا جميعا، وأنتم المكرسين والمكرسات، واصل الأب الأقدس، تريدون ان تكونوا حمَلة لهذا السلام وشهودا له بنشركم للوفاق من خلال الكلمة والمثال وقبل كل شيء كأشخاص يحملون داخلهم، بنعمة الله، بصمة المصالحة والوحدة. وهكذا فقط يمكنكم أن تكونوا في الأوساط التي تعيشون فيها وتعملون بناة جسور وناشري ثقافة اللقاء، وذلك عبر الحوار والمعرفة المتبادلة واحترام الاختلافات، وبالإيمان الذي يجعلكم تتعرفون في كل كائن بشري على وجه وحيد، مقدس ورائع، وجه المسيح.

ذكَّر البابا لاوُن الرابع عشر بعد ذلك بمشاركة الكثير من المكرسين والمكرسات في حوارات في روما مساء أمس، وذلك كلحظات تقاسم وأخوّة وشهادة تمحورت حول مواضيع هامة مثل العمل من أجل الأخوّة العالمية، الاهتمام بالأشخاص الأكثر فقرا، والعناية بالخليقة. وأضاف قداسته أن هذه مواضيع أساسية تشير إلى التزامكم اليومي من أجل تأسيس وتعزيز أوساط وبنى أخوّة، حيث يُهزم الفقر وحيث توضع في المركز كرامة الشخص البشري ويتم الإصغاء إلى صرخة البيت المشترك. وتحدث البابا بالتالي عن فسحات خدمة أبدت الحياة المكرسة دائما اهتماما خاصا بها، ولا يزال اليوم يشهد عملكم اليومي المستتر لهذا الاهتمام، قال قداسته وشجع الجميع على مواصلة تعزيز هذه التقاليد.

ثم أراد الأب الأقدس دعوة الجميع إلى التأمل فيما وصفه بموضوع هام بالنسبة لكنيسة زمننا، السينودسية، وحثهم بالتالي على البقاء أمناء للمسيرة التي نقوم بها جميعا في هذا الاتجاه. وذكَّر بما كتب البابا بولس السادس في الرسالة العامة "كنيسة المسيح": "كم يحلو لنا أن نتذوقه بملء الإيمان والمحبة والأعمال، هذا الحوار العائلي! وكم نريده عظيماً وحميماً وعالماً بجميع الحقائق وجميع الفضائل وجميع حقائق تراثنا العقائدي والروحي وصادقاً ومؤثراً في روحانيته الصحيحة؛ وسريعاً إلى الترحيب بآراء وأحكام عالمنا العصري العديدة؛ وقادراً على جعل الكاثوليك أناساً صالحين حقاً، أناساً حكماء، أناساً أحراراً، أناساً مفعمين صدقاً وقوة". وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أن هذه الكلمات تعكس رسالة محفِّزة موكَلة اليوم أيضا إليكم، بل بشكل خاص إليكم، قال قداسته للحضور، وذلك من أجل تجدُّد متواصل لجسد المسيح في العلاقات والمسيرات والأساليب. وواصل البابا أن الكنيسة تطلب من المكرسين والمكرسات اليوم أن يكونوا شهودا مميَّزين في الأبعاد المختلفة لحياتهم، وذلك في المقام الأول بالسير في شركة مع عائلة الله الكبيرة كلها.

ثم كانت هناك دعوة أخرى وجهها البابا لاوُن الرابع عشر إلى المكرسين والمكرسات في ختام كلمته، دعوة إلى النظر إلى الغد بسكينة وثقة وعدم التخوف من اتخاذ اختيارات شجاعة. وأراد هنا التذكير بكلمات البابا فرنسيس في رسالته الرسولية إلى المكرسين لمناسبة سنة الحياة المكرسة حين كتب أن رجاءنا لا يقوم على أرقام أو أعمال، بل على مَن وضعنا فيه ثقتنا والذي ليس هناك شيء مستحيل بالنسبة له، هذا هو الرجاء الذي لا يخيِّب والذي يمَكن الحياة المكرسة من مواصلة كتابة تاريخ عظيم في المستقبل.

10 أكتوبر 2025, 12:54