البابا لاوُن الرابع عشر يترأس القداس الإلهي مختتما زيارته الرسولية إلى لبنان البابا لاوُن الرابع عشر يترأس القداس الإلهي مختتما زيارته الرسولية إلى لبنان  (ANSA)

البابا لاوُن الرابع عشر يترأس القداس الإلهي مختتما زيارته الرسولية إلى لبنان

ترأس قداسة البابا لاوُن الرابع عشر صباح الثلاثاء القداس الإلهي عند واجهة بيروت البحرية، في اليوم الأخير من زيارته الرسولية إلى لبنان وألقى عظة قال فيها أرفع شكري لله لأني قضيت هذه الأيام معكم وأنا أحمل في قلبي آلامكم وآمالكم. وفي ختام القداس، وجه الأب الأقدس نداء شدد فيه على السلام

استهل قداسة البابا لاوُن الرابع عشر عظته قائلاً في ختام هذه الأيام التي عشناها معًا بفرح، نشكر الله على عطاياه الكثيرة. إن يسوع، وكما أصغينا في الإنجيل، شكر الآب وتوجه إليه وصلّى قائلا "أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّماءِ والأَرض" (لوقا ١٠، ٢١). وأشار البابا لاوُن الرابع عشر إلى أن الشكر لا يجد دائما مكانا في نفوسنا. نرزح أحيانا تحت ثقل تعب الحياة ونقلق بسبب المشاكل التي تحيط بنا وتثقلنا أوضاع كثيرة صعبة فنميل إلى الاستسلام والتشكي وننسى اندهاش القلب والشكر. وإذ دعا إلى تنمية موقف الحمد والشكر على الدوام، تابع البابا لاوُن الرابع عشر عظته مشيرا إلى أنه من هذا المكان الرحب المطل على البحر، يستطيع أن يشاهد جمال لبنان الذي تغنّى به الكتاب المقدس. فقد غرسَ االلهُ فيه أرزَه الشّامخ، وغذَّاهُ وأرواه (راجع مزمور ١٠٤، ١٦)، وجعلَ ثيابَ عروسِ نشيدِ الأناشيد تَعبَقُ بعطرِ هذه الأرض (راجع نشيد الأناشيد ٤، ١١). وفي أورشليم، المدينةِ المقدسةِ المتلألئةِ بنورِ مجيءِ المسيح، أعلن، قال: "مَجدُ لُبْنانَ يَأتي إِلَيكِ، السَّرْوُ والسِّنْدِيانُ والبَقْسُ جَميعًا، لِزينَةِ مَكانِ قُدْسي، وأُمَجِّدُ مَوطِئَ قَدَمَيَّ" (أشعيا ٦٠، ١٣). لكن هذا الجمال، يغشاه في الوقت نفسه الفقر والألم، وتغشاه الجراح التي طبعت تاريخكم، قال الأب الأقدس - لافتًا إلى أنه صلّى قبل قليل في موقع الانفجار في المرفأ – كما وتغشاه مشاكل كثيرة تعانون منها، وسياق سياسي غير مستقر، غالبًا، وأزمة اقتصادية خانقة ترزحون تحت عبئها، وعنف وصراعات أعادت إحياء مخاوف قديمة. وفي مشهد كهذا، يسهل أن يترك الشكر المكان لخيبة الأمل، ولا يجد نشيد الحمد مكانًا في قلب كئيب، ويجف ينبوع الرجاء بسبب الشك والارتباك. لكن كلمة الله تدعونا إلى أن نرى الأنوار الصغيرة المضيئة في وسط ليل حالك، لكي نفتح أنفسنا على الشكر، ونتشجع على الالتزام معًا من أجل هذه الأرض.

في عظته مترئسا القداس الإلهي، قال البابا لاوُن الرابع عشر أفكّر في إيمانكم المتجذّر في عائلاتكم والذي تغذّيه مدارسكم المسيحية، وفي العمل الدؤوب في الرعايا والرهبانيات والحركات الرسولية لتلبية حاجات الناس وأسئلتهم، وفي الكهنة والرهبان الكثيرين الذين يبذلون أنفسهم في رسالتهم وسط صعاب متعددة، وفي العلمانيين الذين يلتزمون في خدمة المحبة مشيرا إلى أنه من أجل هذه الأنوار التي تسعى جاهدة لإضاءة ظلمة الليل، ومن أجل هذه البراعم الصغيرة وغير المرئية التي تفتح باب الرجاء للمستقبل، علينا أن نقول اليوم مثل يسوع: "نحمَدُكَ يا أَبَتِ!" ونشكرك لأنك معنا ولا تدعَنا نضعف. وأشار الأب الأقدس إلى أنه في الوقت نفسه، ينبغي لهذا الشكر ألّا يبقى عزاء داخليا ووهمًا. بل يجب أن يقودنا إلى تحوّل في القلب، وإلى توبة في الحياة. يجب أن ندرك أن الله أراد أن تكون حياتنا في ضوء الإيمان، ووَعد الرجاء، وفرح المحبة. ولهذا، نحن جميعًا مدعوون إلى أن ننمّي هذه البراعم، وألّا نُصاب بالإحباط، وألّا نرضخ لمنطق العنف ولا لعبادة صَنم المال، وألّا نستسلم أمام الشر الذي ينتشر.

وتابع البابا لاوُن الرابع عشر عظته مشيرا إلى أنه يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعا أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها. وليس أمامنا إلّا طريق واحد لتحقيق ذلك: نجرد قلوبنا من السلاح، ونُسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، ونُوقظ في داخلنا حُلْم لبنان الموحّد، حيث ينتصر السلام والعدل، ويمكن للجميع فيه أن يعترف بعضهم ببعض إخوة وأخوات. هذا هو الحلْم الموكول إليكم، وهذا ما يضعه إله السلام بين أيديكم: يا لبنان، قُم وانهض! كُن بيتًا للعدل والأخوّة! كُن نبوءة سلام لكل المشرق!

وفي ختام عظته مترئسا القداس الإلهي عند واجهة بيروت البحرية في ختام زيارته الرسولية إلى لبنان، قال البابا لاوُن الرابع عشر إنه يود أن يردد كلام يسوع: "أَحمَدُكَ يا أَبَتِ"، وأضاف أرفع شكري لله لأني قضيت هذه الأيام معكم وأنا أحمل في قلبي آلامكم وآمالكم.

وفي ختام القداس الإلهي وجه قداسة البابا لاوُن الرابع عشر نداء استهله قائلا خلال هذه الأيام من زيارتي الرسولية الأولى التي قمت بها في هذه السنة اليوبيليبة، أردت أن آتي كحاج رجاء إلى الشرق الأوسط، ملتمسا من الله عطية السلام لهذه الأرض الحبيبة المتسمة بعدم الاستقرار والحروب والألم. وأضاف يا مسيحيي المشرق الأعزاء إذ تأخرت نتائج جهودكم من أجل السلام، أدعوكم إلى أن ترفعوا نظركم إلى الرب الآتي! لننظر إليه برجاء وشجاعة، داعين الجميع إلى السير على طريق التعايش والأخوّة والسلام. وقال البابا لاوُن الرابع عشر: كونوا فاعلي سلام ومبشّري سلام وشهود سلام! وتابع الأب الأقدس مشيرا إلى أن الشرق الأوسط يحتاج إلى مواقف جديدة لرفض منطق الانتقام والعنف ولتجاوز الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح صفحات جديدة باسم المصالحة والسلام. تم سلوك طريق العداء المتبادل والدمار في رعب الحرب زمنا طويلا، مع النتائج المؤسفة التي هي أمام أعين الجميع. هناك حاجة إلى تغيير المسار، وتربية القلوب على السلام.

من هذه الساحة، أصلّي من أجل الشرق الأوسط وجميع الشعوب التي تعاني بسبب الحرب، قال البابا لاوُن الرابع عشر وأضاف، أصلّي أيضا من أجل حل سلميّ للخلافات السياسية الراهنة في غينيا بيساو. ولا أنسى ضحايا الحريق في هونغ كونغ وعائلاتهم. وأصلّي بشكل خاص من أجل لبنان الحبيب، وأطلب مجددا من المجتمع الدولي عدم ادّخار أي جهد لتعزيز مسارات حوار ومصالحة. وأوجه نداء حارا إلى كل من لديهم مسؤولية سياسية واجتماعية، هنا وفي جميع البلدان التي تعاني من الحروب والعنف. أصغوا إلى صراخ شعوبكم التي تطلب السلام! لنضع جميعا أنفسنا في خدمة الحياة والخير العام والتنمية المتكاملة للإنسان. وختم البابا لاوُن الرابع عشرقائلا إليكم يا مسيحيي المشرق، مواطني هذه الأراضي، أكرر: تشجّعوا! الكنيسة كلها تنظر إليكم بمحبة وإعجاب. لتحفظكم دائما العذراء مريم، سيدة حريصا.

 

02 ديسمبر 2025, 11:48