بحث

النائب الرسولي في إسطنبول يحدثنا عن أهمية زيارة البابا إلى تركيا النائب الرسولي في إسطنبول يحدثنا عن أهمية زيارة البابا إلى تركيا 

النائب الرسولي في إسطنبول يحدثنا عن أهمية زيارة البابا إلى تركيا

على هامش زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى تركيا أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع المطران ماسيميليانو بالينورو النائب الرسولي في إسطنبول الذي سلط الضوء على أهمية هذا الحدث بالنسبة للبلاد عموما، والمسيحيين بنوع خاص مع العلم أن الكنيسة المحلية هي عبارة عن جماعة صغيرة لكنها خصبة كالبذرة الصغيرة القادرة على إعطاء حياة جديدة.

قال سيادته إن تركيا تلعب دورا هاماً وسط تعقيدات العالم المعصار، خصوصا وأنها تمثل جسراً بين الشرق والغرب، وتقاطع طرقٍ بالنسبة للشعوب والأديان، وفسيفساء من الثقافات والتقاليد، وقد سُميت لهذا السبب "الأرض المقدسة للعهد الجديد". وأضاف أن تركيا كانت مسقط رأس القديس بولس الرسول، وفيها بشّر ستة رسلٍ على الأقل بالإنجيل، وفيها أيضا دُعي تلامذة الرب مسيحيين للمرة الأولى. وفي تركيا يوجد ضريحا الرسولين يوحنا وفيليبس، كما أيضا بيت العذراء مريم في أفسس. وفي تلك البلاد عُقدت أول ثمانية مجامع مسكونية في تاريخ الكنيسة، وبفضل تعاليم آباء الكنيسة الكبار تمت صياغة اللاهوت المسيحي. وعلى الرغم من كل هذه الحقائق التاريخية فإن الجماعة المسيحية في تركيا ليست اليوم إلا عبارة عن أقلية هشة، لكنها كالخميرة وكحبة الملح.

مضى سيادته إلى القول إنه في الأراضي التابعة للنيابة الرسولية في إسطنبول يقيم ثلثا الكاثوليك في تركيا والبالغ عددهم ستين ألفا تقريبا، وهذه الأراضي تقع في الشطرين الأوروبي، والآسيوي وصولا إلى أنقرة. ولفت إلى أن حضور الكنيسة اللاتينية هناك عريق جداً وطالما كان هذا الحضور مرتبطاً بوجود جماعات مسيحية أجنبية قدمت إلى تركيا بدافع التجارة. كما أن "الحكم اللاتيني" التي قام في أعقاب الحملة الصليبية الرابعة عام ١٢٠٩ أدى إلى إنشاء بطريركية القسطنطينية اللاتينية، التي استمرت لغاية الماضي القريب، عندما قرر البابا بولس السادس إلغاءها، الأمر الذي شكل خطوة هامة إلى الأمام على طريق الوحدة مع الكنيسة الأرثوذكسية.

في معرض حديثه عن زيارة البابا لاون الرابع عشر الرسولية إلى تركيا قال النائب الرسولي في إسطنبول إن الحبر الأعظم قوبل بالترحيب الحار، وقد حظيت الزيارة بدعم كبير من قبل السلطات المدنية، مع العلم أن الحكومة أنشأت في نيقية موقعاً سياحياً أثرياً يثمن المكان الذي عُقد فيه أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة. كما أن الرئيس التركي إردوغان حرص على أن يتم الاحتفال بالقداس، في ختام الزيارة، في مكان يتسع لأكبر عدد ممكن من المؤمنين، وقد تكفلت الحكومة في تحمل كل النفقات.

وإذ أوضح المطران بالينورو أن المسيحيين في تركيا يحظون بالاحترام والحماية وأن الدستور يضمن الحريات الدينية، قال إن زيارة الحبر الأعظم تندرج ضمن إطار الاحترام والتقدير تجاه الكنيسة الكاثوليكية، كما أنها تشكل مصدر تشجيع للمؤمنين المسيحيين وتحثّهم على الاستمرار في اتّباع الرب يسوع والنظر إلى المستقبل برجاء وثقة.

لم تخل كلمات سيادته من الحديث عن هجرة المسيحيين، لاسيما خلال القرن الماضي، لافتا إلى أن المسيحيين كانوا يشكلون نسبة خمسة وثلاثين بالمائة من مجموع عدد السكان قبل العام ١٩١٥، لتصل هذه النسبة اليوم إلى صفر فاصلة ستة بالماضة فقط. أما الجماعة الكاثوليكية التي تتبع الطقس اللاتيني فيبلغ عددها عشرة آلاف مؤمن تركي، وثلاثين ألفاً من الأجانب، المهاجرين واللاجئين. ونظرا لكونها أقلية ضمن بيئة مسلمة، تسعى الكنيسة في تركيا للعودة إلى جذورها، وتتعلم كيف يجب أن تكون خميرة وملحاً في تلك الأرض، كما أن الجماعات المسيحية تُشبه إلى حد بعيد الكنائس البيتية الصغيرة، كما كانت الحال في بدايات المسيحية.

وختم سيادته حديثه لموقعنا مشيرا إلى أن هذا الواقع الذي يعيشه المسيحيون في تركيا أعطى دفعاً هاما للمسيرة المسكونية، وفي المكان الذي كان شاهدا على الانقسام التاريخي بين مسيحيي الشرق والغرب بدأنا نرى اليوم أولى بوادر المصالحة!!

29 نوفمبر 2025, 15:53