رسالة البابا لاون الرابع عشر إلى المشاركين في مؤتمر دول الأطراف بشأن المناخ كوب ٣٠
استهل البابا رسالته موجها تحياته الحارة إلى الدول المشاركة في المؤتمر، ومعربا عن دعمه للجهود المبذولة من أجل مواجهة ظاهرة التبدلات المناخية. بعدها توقف الحبر الأعظم عند الرباط القائم بين استنبات السلام وحماية الخليقة، مشيرا إلى أن البحث عن السلام من قبل جميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة يُسهل من خلال الاعتراف المشترك بالعلاقة القائمة بين الله والكائنات البشرية والخليقة بأسرها. وأوضح لاون الرابع عشر أن الجماعة الدولية تصب اهتمامها على الصراعات الدائرة بين الدول، لكن ثمة وعيا أكبر اليوم بأن السلام مُهدد أيضا بسبب عدم احترام الخليقة، ونهب الموارد الطبيعية، والتدهور التدريجي لنوعية الحياة نتيجة التغيرات المناخية. تابع الحبر الأعظم رسالته لافتا إلى أن هذه التحديات تعرّض للخطر حياة جميع الكائنات المتواجدة على كوكب الأرض، لذا لا بد من قيام تعاون دولي ومتعدد الأطراف يضع في المحور قدسية الحياة، الخير العام وكرامة كل كائن بشري، هذه الكرامة التي وهبها الله للإنسان. ومع ذلك – مضى البابا يقول – نشهد غالبا مقاربات سياسية وتصرفات بشرية تسير في الاتجاه المعاكس، وهي مطبوعة بالأنانية وعدم احترام الآخر وقصر النظر. هذا ثم أكد البابا أنه في عالم مشتعل بسبب الصراعات المسلحة والاحتباس الحراري ينبغي أن يصبح مؤتمر كوب ٣٠ علامة للأمل من خلال احترام آراء الآخرين والبحث عن لغة مشتركة وتوافق يحيدان المصالح الأنانية، ويرسخان مسؤوليتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه أجيال المستقبل. بعدها ذكّر لاون الرابع عشر بأن البابا يوحنا بولس الثاني وفي تسعينيات القرن الماضي سلط الضوء على الأزمة الإيكولوجية لافتا إلى أنها مشكلة خلقية، وبالتالي ثمة حاجة إلى تضامن جديد، لاسيما على صعيد العلاقات بين الدول النامية وتلك المتطورة صناعيا، مشددا على أهمية التضامن بين الدول من أجل تعزيز نمو بيئة طبيعية واجتماعية مسالمة ومفيدة. وأكد البابا بريفوست في هذا السياق أن الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا من الهشاشة هم في طليعة من يعانون من النتائج المدمرة للتغيرات المناخية والتصحّر والتلوث. لذا فإن الاعتناء بالخليقة يصبح فعلا تعبيراً عن الإنسانية والتضامن. من هذا المنطلق، شدد البابا على ضرورة أن تُترجم الأقوال والأفكار إلى خيارات وأفعال ترتكز إلى المسؤولية والعدالة والإنصاف بغية التوصل إلى سلام دائم والاعتناء بالخليقة وبكل شخص قريب. وبما أن الأزمة المناخية تعني الجميع ينبغي أن تُبذل الجهود من قبل الحكومات المحلية ورؤساء البلديات والحكّام والباحثين والشبان ورجال الأعمال والهيئات الدينية والمنظمات غير الحكومية. تابع البابا رسالته مذكرا بأن الجماعة الدولية تبنت لعشر سنوات خلت اتفاق باريس معترفة بالحاجة إلى تجاوب فاعل وتدريجي إزاء هذا التهديد المتمثل بالتغيرات المناخية. لكن المسيرة التي تقود إلى تحقيق هذه الأهداف ما تزال طويلة ومعقدة. لذا لا بد أن تسعى الدول الأطراف إلى الإسراع في تطبيق اتفاقية باريس والمعاهدة الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية. لم تخل رسالة لاون الرابع عشر من الحديث عن الرسالة العامة للبابا فرنسيس "كن مسبحا"، والتي تطرقت إلى ارتداد إيكولوجي يشمل الجميع، لأن المناخ هو خير مشترك للجميع ومن أجل الجميع. ختاماً تمنى الحبر الأعظم أن يلهم الارتداد الإيكولوجي تطوير هيكلية مالية عالمية جديدة تتمحور حول الإنسان، وتساعد جميع الدول على تحقيق النمو واحترام كرامة المواطنين، كما أمل أن ترافق هذه الجهود تربية على الإيكولوجيا المتكاملة كي يتمكن الجميع من الاعتناء بالخليقة التي أوكلها إلينا الله وهكذا نبني عاماً مسالما. |
