بحث

البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة  (ANSA)

البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة

في اتصال مرئي مع ١٦ ألف مشارك في المؤتمر الكاثوليكي الوطني للشباب، الذي عقد في ملعب لوكاس أويل بمدينة إنديانابوليس، دعا البابا لاوُن الرابع عشر إلى عدم خنق الإيمان ضمن "تصنيفات سياسية". وحثّ على النظر إلى التقنيات الحديثة كأدوات تُعين على النضج، محذراً من "الترف" و"السطحية"، وداعياً إلى تنمية الصداقة مع المسيح في عالم يسهُل فيه القول: "لا أحد يفهمني".

المستقبل هو الآن: إنه اللحظة النابضة، والنفَس الذي يدعو إلى "أن نحلم أحلاماً كبيرة". إن ريح الشباب تهبّ بقوة، وتدفعنا إلى ما هو أبعد من "الترف" والسطحية. إنها دعوة للإبحار نحو "العظمة" التي تنبع من الكرم والمحبة والصداقة. إنه مسار بلا خوف من تغيير الآفاق، لأنه عندما تسترشد نظرتنا بعلاقات حقيقية، لا يمكن أن تكون وجهتنا سوى "الفرح والحرية". إنه بحث لا يرفع رايات، لأن الإيمان لا يُحبس في "تصنيفات سياسية". وهكذا يتم النمو: بالسعي وراء الجمال، والإبحار نحو المستقبل بتقنيات جديدة لا "تُضعِف" الرحلة، بل تُصاحبها.

بعد ظهر ٢١ تشرين الثاني نوفمبر، استمع البابا لاوُن الرابع عشر إلى الأهداف والأفراح والهواجس المشتركة بين الأجيال الجديدة، في اتصال مرئي مع ١٦ ألف شاب اجتمعوا في ملعب لوكاس أويل في إنديانابوليس (بولاية إنديانا، بالولايات المتحدة)، بمناسبة المؤتمر الكاثوليكي الوطني للشباب، الذي افتُتح في ٢٠ تشرين الثاني نوفمبر ويستمر حتى ٢٢ تشرين الثاني نوفمبر.

"صباح الخير!"، بهذه الكلمات باللغة الإنجليزية، بدأ البابا تحيته نظراً لاختلاف التوقيت. وربط بين إنديانابوليس وروما، مُذكّراً بأن اللقاء يأتي خلال سنة اليوبيل المقدسة، ثم انفتح على أفق عالمي، مُشدّداً على تعيين العديد من الكنائس في أبرشيات مختلفة حول العالم ككنائس "يوبيلية". كما تذكر شهر تموز يوليو الماضي، عندما احتشد أكثر من مليوُن شاب حاج في تور فيرغاتا احتفالاً باليوبيل المخصص لهم. "يا لها من بركة أن نرى كل هذا العدد من الشباب الكاثوليكي يسعون بصدق وفرح نحو الرب!". 

البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة
البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة   (@Vatican Media)

"أنا هو"، باللغات الإنجليزية والإسبانية والإيطالية (I Am, Yo Soy, Io Sono)، هو شعار المؤتمر، الذي يدعو إلى التأمل حول كيف أن الأسرار المقدسة هي "تاريخ حيّ" لمحبّة الله. أشاد لاوُن الرابع عشر بتخصيص أوقات للعبادة الإفخارستية والقداس وسر التوبة: فهي ليست مجرد "نشاطات"، بل "فرص حقيقية لمعرفة يسوع". وهذا موضوع تكرر كثيراً في إجاباته على أسئلة الشباب، التي سبقتها تلاوة صلاة السلام عليكِ يا مريم، الموجهة إلى العذراء التي "أودعت" حياتها لله منذ صباها.

قدّمت الأسئلة المتحدثة والكاتبة كاتي ماكغرادي، التي تذكّرت أنها أهدت البابا زوجاً من الجوارب خلال لقائها الأخير به. فابتسم لاوُن الرابع عشر قائلاً: "أنا لا أرتدي إلا الجوارب البيضاء (White Sox)". في إشارة إلى فريق شيكاغو وايت سوكس، فريق البيسبول الذي لم يُخفِ روبرت فرانسيس بريفوست شغفه به أبداً. وأضاف: "وأستخدم كلمة مختلفة للعبة ووردل كل يوم". في إشارة إلى سؤال طرحته ماكغرادي أيضاً حول هذا الموضوع، وإلى اللعبة الأمريكية الشهيرة حيث يتعين على المستخدم تخمين كلمة من خمسة أحرف في ست محاولات كحد أقصى.

جاء السؤال الأول من الشابة ميا، من بالتيمور بولاية ماريلاند: "هل يصعب عليك تقبّل رحمة الله عندما تخطئ أو تشعر بأنك خيّبت ظن أحدهم؟" أجاب البابا بأن هذا شعور عالمي: "لا أحد كامل". لكن الخطيئة لا تقول الكلمة الأخيرة أبداً. وكما ذكّر البابا فرنسيس: "الله لا يكلّ أبداً من المغفرة، بل نحن الذين نكلّ أحياناً من طلب المغفرة". "قد نجد صعوبة في المسامحة، لكن قلب الله مختلف. فالله لا يتوقف أبداً عن دعوتنا للعودة إليه. لذا نعم، قد يكون الأمر مُحبِطاً عندما نسقط. لكن لا تُركّزوا فقط على خطاياكم. انظروا إلى يسوع، ثقوا برحمته، واذهبوا إليه بثقة. وهو سيستقبلكم دائماً في بيته."

أما السؤال الثاني فجاء من إيزيكيال، من لوس أنجلوس (كاليفورنيا): "هناك أوقات أشعر فيها بالحزن أو الغرق في المشاكل، حتى عندما أصلي أو أسعى جاهداً للحفاظ على إيماني. كثيراً ما يُقال لي أن "أُسلّم صعوباتي لله"، ولكن كيف يمكنني حقاً أن أسلم مشاكلي لله وأشعر بقربه مني، حتى عندما أشعر بهذا؟". شدّد البابا على قرب يسوع في عواصف الحياة. إنَّ التسليم له هو بداية علاقة أصيلة، لأنَّ المرء لا يُسلّم مشاكله لشخص لا يعرفه. "فكّروا في أصدقائكم المقربين. إذا كانوا يتألمون، ستتحدثون إليهم، وتصغون إليهم، وتبقون بجانبهم. وعلاقتنا بيسوع مماثلة". 

ووجّه إيزيكيل السؤال الثالث أيضاً: "أحياناً أشعر بالضياع، ولكني أخشى التحدث عن ذلك لأني أظن أن الآخرين لن يفهموا شعوري حقاً. ما هي التصرفات أو الكلمات التي يمكننا اعتمادها للتواصل بشكل أفضل ومساعدة الآخرين على فهمنا بالكامل؟" أجاب لاوُن الرابع عشر: "في الوقت الذي قضيته مع الشباب، رأيت كيف تحملون أفراحاً وآمالاً حقيقية، ولكن أيضاً صعوبات وأعباء ثقيلة". ومع ذلك، فإن الله قريب دائماً، حتى من خلال الأشخاص الذين يضعهم في طريقنا. "عندما تجدون شخصاً تثقون به حقاً، لا تخافوا من فتح قلوبكم. من المهم جداً أن تكون الثقة حقيقية، ولكن عندما تجدونها، فاعلموا أنهم يستطيعون مساعدتكم على فهم ما تشعرون به ودعمكم على طول الطريق. من المهم أيضاً أن نُصلّي لنوال هبة الأصدقاء الصادقين. الصديق الحقيقي ليس فقط من يُمتعنا قضاء الوقت معه – رغم أن هذا جانب إيجابي – بل هو من يساعدك على الاقتراب من يسوع ويشجعك على أن تصبح شخصاً أفضل." إنَّ الصداقة الحقيقية، تابع البابا، تحث أيضاً على طلب المساعدة عندما تصبح الحياة صعبة أو مُربِكة. "يقول العديد من الشباب: "لا أحد يفهمني". لكن هذا التفكير قد يعزلكم أحياناً. عندما يخطر لكم ذلك، حاولوا أن تقولوا: "يا رب، أنت تفهمني أفضل مما أفهم نفسي"، وثقوا بأنه سيرشدكم".

البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة
البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة   (@Vatican Media)

قبل المتابعة بالأسئلة الأخرى، أبدت ماكغرادي فضولها تجاه ما يفعله البابا عندما تنقطع صلاته بسبب الهاتف أو مصادر تشتيت أخرى، نظراً لإدراكها أن الصلاة قد تُقاطع. أجاب لاوُن الرابع عشر: "الأمر يعتمد على المُشتت"، مُشدّداً على أنه، في كل الأحوال، "أفضل ما يمكن فعله هو أن تتبع المُشتت للحظة، لترى لماذا هو موجود"، ثم تدعه يرحل. "هناك الكثير من التجارب والمشتتات، ولكن هناك يسوع واحد فقط".

طرح كريستوفر، الشاب القادم من نيفادا، السؤال الرابع: "كيف تقترح الموازنة بين كل هذه الأدوات الرائعة (الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، الحواسيب المحمولة وغيرها من الأجهزة) وفي الوقت نفسه بناء روابط إيمان خارج نطاق التكنولوجيا؟". يرى الحبر الأعظم أن الابتكارات يمكنها أن تدعم الإيمان: فهي تساعد في الحفاظ على العلاقات، ومشاركة الإنجيل مع أشخاص ما كنا لنلتقي بهم شخصياً. ومع ذلك، فإن ابتسامة بسيطة، بالرغم من "بساطتها" و"أهميتها" للإنسان، لن يمكن لآلة أن تُكررها أبداً. وقد يكون القداس عبر الإنترنت عوناً في حالات الضرورة، ولكنه لا يحل محل المشاركة الحقيقية. "لذلك، على الرغم من أن التكنولوجيا يمكنها أن تصلنا ببعضنا، إلا أنها ليست كالحضور الجسدي. وبالتالي يجب أن نستخدمها بحكمة، بدون أن ندعها تشوّش على علاقاتنا." والمثال الفاضل هو مثال القديس كارلو أكوتيس، الذي سخّر قدراته التكنولوجية لخدمة الآخرين، مُمارِساً الانضباط ومُبقياً على أولوياته "واضحة". "أيها الأصدقاء الأعزاء، أشجعكم على السير على خطى كارلو أكوتيس: كونوا واعين بالوقت الذي تقضونه أمام الشاشة وتأكدوا من أن التكنولوجيا هي في خدمة حياتكم، وليس العكس."

وفي موضوع ذي صلة، تحدث ميكا، من هونولولو، هاواي، قائلاً: "تتخلل حياتنا بشكل متزايد تقنيات الذكاء الاصطناعي. برأيك، ما الذي يجب أن ننتبه إليه عند تبنّي هذه التكنولوجيا الجديدة؟" في إجابته، ذكّر البابا بالمؤتمر الأخير الذي عُقد في الفاتيكان بعنوان "كرامة الأطفال والمراهقين في عصر الذكاء الاصطناعي"، والذي شجع فيه المشاركين على تعزيز السياسات التي تُبقي الشباب بعيدين عن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. "لكنني ذكّرتهم أيضاً – وأغتنم هذه الفرصة لأذكركم أنتم أيضاً – بأن الأمان لا يتعلق فقط بالقواعد. بل يتعلق بالتربية والمسؤولية الشخصية. يمكن للمرشحات والإرشادات أن تساعدكم، ولكن لا يمكنها أن تختار بدلاً منكم. أنتم وحدكم من يمكنه ذلك." إن الشباب هو مقدمة مرحلة البلوغ، ونمو "روحي"، بتعميق الصداقة مع الله، ونمو "فكري"، بتعلّم التفكير "بوضوح ونقد"، والبحث عن الحقيقة والجمال والخير. ولكنه يعني أيضاً تقوية الإرادة، ليصبح المرء قادراً على اختيار "ما يساعده على النمو وتجنب ما يضر" بحرية. وبالتالي "كل أداة تُتاح لنا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، يجب أن تدعم هذا المسار، لا أن تُضعِفه. إنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية يعني استخدامه بطرق تساعد على النمو، وليس بطرق تلهي عن الكرامة أو عن الدعوة إلى القداسة."

وحثّ البابا لاوُن الرابع عشر على استغلال وقت التعليم بأقصى إمكاناته. فإذا كان الذكاء الاصطناعي قادراً على معالجة المعلومات بسرعة ("لا تطلبوا منه أن يقوم بواجباتكم المدرسية نيابة عنكم!"، قال البابا مازحاً)، فإنه لا يستطيع محاكاة الحكمة البشرية، و"الحكم على ما هو صواب وخطأ"، أو التأمل في الجمال. "احذروا من أن يقيد استخدام الذكاء الاصطناعي نموكم البشري الحقيقي. استخدموه بطريقة تجعلكم، إذا اختفى غداً، تعرفون مع ذلك كيف تفكرون، وكيف تُبدعون، وكيف تتصرفون بمفردكم، وكيف تُكوّنون صداقات حقيقية. تذكروا: الذكاء الاصطناعي لن يحل أبداً محل الهدية الفريدة التي تمثلونها للعالم."

أبدت إليز، من آيوا، شكوكاً بشأن المستقبل: "أنا قلقة بشأن مستقبل الكنيسة: أخشى ألا تبقى موجودة عندما أشيخ وأن لا يتمكن أطفالي من خوض خبرات كهذه. كيف تستعد الكنيسة للمستقبل؟" طمأن البابا بأن حماية يسوع وإرشاده ومحبته لن يخذلوا الكنيسة أبداً. "الله يُحبنا، الله يُحبكم جميعاً، والشر لن ينتصر أبدًا! جميعنا في أيدي الله"، كانت هذه كلمات التعزية التي أكّدها الحبر الأعظم نفسه في أول بركة له "لمدينة روما والعالم" في يوم انتخابه لخلافة القديس بطرس. "إنَّ يسوع يرغب في أن يقترب الجميع منه، وأرى هذه الرغبة خاصة عندما ألتقي شباباً يبحثون عن الله بصدق." لذلك، تستعد الكنيسة للمستقبل من خلال البقاء أمينة لمطالب المسيح: عدم الاستسلام للقلق، والثقة بأن "كل شيء آخر سيأتي في مكانه"، من خلال قيادة الروح القدس. وهذا الإلهام قاد الكنيسة في السنوات الأخيرة إلى الاستماع بإنصات لأصوات الجميع، بمن فيهم الشباب. "الكنيسة بحاجة إلينا جميعاً، بينما نمضي قُدماً نحو المستقبل الذي يُعدّه الله". 

البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة
البابا للشباب: حان وقت الأحلام الكبيرة، أنتم حاضر الكنيسة   (ANSA)

وفيما يتعلق بالسؤال السابق، طُرح السؤال التالي: "كيف يمكننا نحن الشباب أن نضمن مشاركتنا في نقاش الكنيسة حول المستقبل؟" أجاب لاوُن الرابع عشر بتأكيد واضح: "أنتم لستم مستقبل الكنيسة فحسب، بل أنتم حاضرها! أصواتكم، أفكاركم، إيمانكم مهمة اليوم، والكنيسة بحاجة إليكم. الكنيسة بحاجة إلى ما وُهِب لكم لمشاركته معنا." إذن، تبدأ المشاركة الآن، بالالتزام في الرعيّة وأنشطتها، ومشاركة الإيمان أو مساعدة القائمين على هذه المهمة. كما لا ينبغي إغفال تنمية حياة صلاة عميقة، التي قد تؤدي إلى دعوات خاصة من الرب. ولتمييزها، دعا الحبر الأعظم إلى التوجه إلى الكهنة، أو غيرهم من "المسؤولين الموثوق بهم". علاوة على ذلك، فإن الفرق الحقيقي ينبع من إيمان متجذر في الحياة اليومية، وبوضع الذات في خدمة الفقراء، على غرار قديس شاب آخر، بيير جورجيو فراساتي. "لذلك، أدعوكم إلى التفكير في هذه الأسئلة: ماذا يمكنني أن أقدم للكنيسة من أجل المستقبل؟ كيف يمكنني مساعدة الآخرين على معرفة المسيح؟ كيف يمكنني بناء السلام والصداقة حولي؟"

بعد ذلك، جاء دور سؤال ختامي طرحته ماكغرادي مرة أخرى: "أيها الأب الأقدس، لقد منحتنا الكثير لنتأمل فيه. قبل أن نودعك، ما هو رجاؤك لمستقبل الكنيسة؟ وكيف يمكننا مساعدتك على تحقيقه؟" كرّر البابا لاوُن في إجابته ما سبق تأكيده: "الشباب جزء من حاضر الكنيسة"، وكذلك "أمل" لمستقبلها. "الآن هو الوقت المناسب لكي تحلموا بأحلام كبيرة وتنفتحوا على ما يمكن لله أن يفعله من خلال حياتكم. أن تكون شاباً غالباً ما ينطوي على رغبة في فعل شيء ذي مغزى، شيء يُحدث فرقاً حقاً. كثيرون منكم مستعدون للكرم، لمساعدة الذين يُحبّونهم أو للعمل من أجل شيء أعظم من ذواتهم. لهذا السبب، ليس صحيحاً أن الحياة تدور فقط حول فعل ما يجعلنا نشعر بالرضا أو يُشعرنا بالراحة، كما يزعم البعض. بالتأكيد، الراحة قد تكون ممتعة، ولكن كما ذكّرنا البابا بندكتس السادس عشر، نحن لم نُخلَق للراحة؛ بل خُلقنا للعظمة، لله نفسه. نحن نتوق في أعماقنا إلى الحقيقة والجمال والخير لأننا خُلقنا من أجلها. وهذا الكنز الذي نسعى إليه له اسم: يسوع، الذي يريدكم أن تجدوه." لقد تعلَّم ذلك، وهو لا يزال شاباً، "أحد أبطالي الشخصيين": القديس أوغسطينوس. فعندما كان يبحث عن السعادة، أدرك أن لا شيء يُرضيه، "حتى فتح قلبه لله". لهذا كتب: "خلقتنا يا رب لك، وقلبنا لن يرتاح إلا فيك".

إن الصداقة مع يسوع هي "للجميع"، وهي حجر الزاوية لمستقبل الكنيسة. لذلك، عند التفكير في مستقبلها، من الضروري أولاً أن نسمح للمسيح بأن يُغيّرنا. وكما أكّد القديس أوغسطينوس: "إذا أردت أن تُغيّر العالم وتجعله مكاناً أفضل، يجب أن تبدأ بتغيير نفسك أولاً". ثم رسم البابا بعض ملامح الشباب: البحث عن الأصالة، وهي "غريزة" تدفع إلى البحث عن إيمان غير "سطحي". ثم الرغبة في البحث عن السلام. وفي هذا الصدد حذّر: "احذروا من استخدام التصنيفات السياسية للتحدث عن الإيمان. إنَّ الكنيسة لا تنتمي إلى أي حزب سياسي؛ بل هي تساعد على تشكيل ضميركم لتتمكنوا من التفكير والتصرف بحكمة ومحبة."

أن تكون شاباً، قد يعني أحياناً الخوف، كما لاحظ لاوُن الرابع عشر في الختام. "كلما اقتربتم من يسوع، لا تخافوا مما قد يطلبه منكم. إذا تحدّاكم لتغيير حياتكم، فذلك دائماً لأنه يريد أن يمنحكم فرحاً أكبر وحرية أعمق". إن الدعوات في الكنيسة متعددة: هناك من هو مدعو إلى الزواج، ومن هو مدعو إلى الحياة المكرّسة. ولكن كل طريق يجب أن يُسار جنباً إلى جنب مع يسوع، الذي كما ذكّر البابا بندكتس السادس عشر، "لا يأخذ شيئاً، بل يمنح كل شيء". "فليستمر الرب في مباركتكم وإرشادكم وتقويتكم بينما تسعون إلى خدمته – في الكنيسة وفي كل شخص يضعه على دربكم".

22 نوفمبر 2025, 10:28