بحث

رسالة البابا إلى المشاركين في اللقاء العالمي "اقتصاد فرنسيس" رسالة البابا إلى المشاركين في اللقاء العالمي "اقتصاد فرنسيس" 

رسالة البابا إلى المشاركين في اللقاء العالمي "اقتصاد فرنسيس"

بعث البابا لاون الرابع عشر برسالة إلى المشاركين في اللقاء العالمي اقتصاد فرنسيس، مسلطاً الضوء على أهمية ألا يقتصر الاقتصاد الجديد على الإنتاج وحسب إذ لا بد أن يسعى إلى إعادة الحياة للأفراد والجماعات والبيت المشترك وأن يعزز الكرامة والأمل.

الرسالة التي حملت تاريخ السادس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر استهلها الحبر الأعظم متحدثا عن أهمية هذا اللقاء العالمي خصوصا وأن المشاركين فيه هم مطلعون أكثر من سواهم على الأمور الجديدة التي نواجهها اليوم ويعتمد عليها مستقبل الإنسانية، ولفت إلى أن اللقاء يُعقد في رحم الكنيسة التي تنقل للآخرين الإيمان والمحبة. كما أن اللقاء المعروف باسم "اقتصاد فرنسيس" هو تعبير سعيد عن مسيرة تُخصب الفكر والمبادرة الإنجيلية من خلال بذرة الإنجيل التي قبلها القديس فرنسيس الأسيزي، والتي سعى البابا الراحل فرنسيس لأن يشهد، بكل ما أوتي من قوة، على قدرتها على تبديل الإنسان.

وشدد لاون الرابع عشر في هذا السياق على أن الإنجيل يبدل عملنا كبشر، ويُحدث فينا تغيرات تسمح للحياة بأن تدخل إلى هذا العالم بملئها. وأضاف أن المشاركين في اللقاء يعلمون ذلك جيداً لأنهم التقوا في أسيزي بأشخاص كثيرين وأطلقوا مشاريع مستلهمة من الإنجيل، وقادرة على استنبات الزهور حتى في البراري.  

بعدها أكد الحبر الأعظم أن فكرنا المفعم بالامتنان يتّجه هذا العام بنوع خاص نحو البابا الراحل فرنسيس، ما يساعدنا على الحفاظ على الإرث الذي تركه لنا، لاسيما الأشخاص الذين عرفوه وتعاونوا معه على كثب، ويلزمهم في العمل في سبيل الرجاء الذي وُلدت من أجله هذه المبادرة. وذكّر لاون الرابع عشر، في هذا السياق، بما قاله سلفه البابا فرنسيس إلى المشاركين في اللقاء في أيلول سبتمبر من العام الماضي، عندما أكد أنه يمكن أن تولد وسط المشاركين طريقة جديدة للعيش معاً، ولتشييد اقتصاد لا يؤدي إلى الإقصاء بل إلى الرخاء المادي والروحي. وشجع أيضا المؤتمرين على السير قدماً، لافتا إلى أن حياتهم ستُزهر إذا ما بقوا أمناء لهذه الدعوة، وستكون لهم قصص رائعة يُخبرونها لأبنائهم ولأحفادهم.

هذا ثم لفت الحبر الأعظم إلى أن شبكة الصداقة والعمل التي يمثلها المشاركون في اللقاء تقول لا للاستسلام، كما أنهم يستطيعون أن يحثوا الشبان الآخرين على تخطي اللامبالاة وعدم السعي عن المصالح الشخصية وحسب ليستقبلوا ملكوت الله وبرّه من خلال أنماط جديدة لمحبة الخير العام. وهذا الأمر يقتضي إيقاظ الأحلام، تثمين الصلاة والدراسة والعمل، والتكفير معاً وهذه كلها طاقاتٌ للتجدد.

تابع البابا رسالته موضحا أن الانطلاقة الجديدة للاقتصاد لا تقتصر على الإنتاج وحسب، بل هي عبارة عن نشاط يعيد الحياة إلى الأشخاص والجماعات وإلى البيت المشترك أيضا. كما أن الانطلاقة الجديدة تعني التحرر من سلاسل الظلم، وتضميد الجراح وخلق فسحات يتمكن فيها الرجال والنساء من عيش الكرامة والأمل. وهذا الأمر قد يتطلب أيضا تغيير المسار أو استكشاف دروب جديدة.

بعدها توقف البابا عند اللقاء الذي جمعه مؤخرا مع الحركات الشعبية وذكّر بأنه سلط الضوء في تلك المناسبة على ما كتبه البابا لاون الثالث عشر في الرسالة العامة Rerum novarum والذي ما يزال يصح لغاية اليوم إذ شدد على أهمية النظر إلى الأمور الجديدة انطلاقا من الضواحي. كما أن الاقتصاد الذي أراده البابا فرنسيس ينبغي أن يكون مجرداً من الامتيازات ويجب أن يعانق الواقع بدءا من الأشخاص المهمشين والمنبوذين. لذا ينبغي ألا يقتصر التزامنا على الاعتراض وحسب بل لا بد أن نبحث عن الحلول.

هذا ثم شجع لاون الرابع عشر الشبان على أن يُظهروا خلل المنظومة الاقتصادية التي تزيد من انعدام المساواة، ولا تعتني بالضعفاء. كما طلب منهم ألا يقتصر نشاطهم على العمل الاجتماعي وحسب إذ ينبغي أن يعملوا على تغذية الروح وأن يعودوا إلى القلب، مذكرا المؤتمرين بأن الرب يحدثنا من خلال صفحات الكتاب المقدس، ويلهم مواقفنا ويضعنا في حوار مع أصدقائه، الذين لعبوا دوراً ريادياً في تاريخ الخلاص.

وختم الحبر الأعظم رسالته قائلا للمشاركين في اللقاء: ستكونون رجال أعمال وخبراء اقتصاديين صالحين عندما تتعرفون على الاقتصاد الإلهي، وهذا هو سر العديد من الشهود الذين سبقونا، أو ما يزالون يسيرون إلى جانبنا في يومنا هذا.  

 

28 نوفمبر 2025, 12:32